إن الفتوى توقيع عن الله تبارك وتعالى .
قال إسحاق بن هاني : سألت أبا عبد الله [ يعني : أحمد بن حنبل ] عن الذي جاء في الحديث " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار " فقال : يُفْتِي بما لم يسمع .
وجاءه رجل يسأله عن شيء فقال : لا أجيبك في شيء ، ثم قال : قال عبد الله بن مسعود : إن كل مَن يُفتي الناس في كل ما يَستفتونه لمجنون !
وقال أبو داود في مسائله : ما أحصي ما سمعت أحمد سُئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول : لا أدري .
قال : وسمعته يقول : ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتوى أحسن فتيا منه ، كان أهون عليه أن يقول لا أدري .
قال عبد الرحمن ابن مهدي : سأل رجل من أهل الغرب مالك بن أنس عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقال : يا أبا عبد الله تقول لا أدري ؟! قال : نعم ، فأبلغ من وراءك أني لا أدري !
وقال عبد الله : كنت أسمع أبي كثيرا يُسأل عن المسائل فيقول : لا أدري ، ويقف ، إذا كانت مسألة فيها اختلاف ، وكثيرا ما كان يقول : سَلْ غيري . فإن قيل له : مَن نَسأل ؟ قال : سَلُوا العُلَماء ! ولا يكاد يُسَمِّي رَجلا بِعَينه .
نَقَل هذا ابن القيم ثم عقد فَصْلا في تَوَرّع السلف عن الفتيا :
قال فيه : وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرّع في الفتوى ، ويودّ كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره ، فإذا رأى أنها قد تَعَيَّنَتْ عليه بذل اجتهاده في معرفة حُكْمها من الكتاب والسنة ، أو قول الخلفاء الراشدين ، ثم أَفْتَى .
وقال الشاطبي عن الإمام مالك : وسأل رجل مَالِكًا عن مسألة وذَكَر أنه أُرْسِل فيها من مسيرة ستة أشهر من المغرب ، فقال له : أخبر الذي أرسلك أنه لا عِلم لي بها ! قال : ومن يعلمها ؟ قال : مَن عَلَّمَه الله .
وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ، فقال : ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها ، ولكن تَعُود فلما كان من الغد جاء وقد حَمل ثقله على بغله يقوده ، فقال : مسألتي ! فقال : ما أدرى ما هي ، فقال الرجل : يا أبا عبد الله تركتُ خلفي مَن يقول : ليس على وجه الأرض أعْلم منك ، فقال مالك غير مُستوحش : إذا رَجعتَ فأخبرهم أني لا أحسن ! وسأله آخر فلم يُجِبه ، فقال له : يا أبا عبد الله أجِبْني ، فقال : ويحك ! تُرِيد أن تجعلني حُجَّة بينك وبين الله ، فأحتاج أنا أولاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلِّصُك !
وسُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري .
وسُئل من العراق عن أربعين مسألة ، فما أجاب منها إلاَّ في خمس !
قال عمر بن يزيد : فقلت لِمَالِك في ذلك ، فقال : يَرْجِع أهل الشام إلى شامهم ، وأهل العراق إلى عراقهم ، وأهل مصر إلى مصرهم ، ثم لعلي أرجع عما أرجع أُفْتيهم به ! قال : فأخبرتُ الليث بذلك ، فَبَكَى .
والله أعلم
[/center]قال إسحاق بن هاني : سألت أبا عبد الله [ يعني : أحمد بن حنبل ] عن الذي جاء في الحديث " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار " فقال : يُفْتِي بما لم يسمع .
وجاءه رجل يسأله عن شيء فقال : لا أجيبك في شيء ، ثم قال : قال عبد الله بن مسعود : إن كل مَن يُفتي الناس في كل ما يَستفتونه لمجنون !
وقال أبو داود في مسائله : ما أحصي ما سمعت أحمد سُئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول : لا أدري .
قال : وسمعته يقول : ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتوى أحسن فتيا منه ، كان أهون عليه أن يقول لا أدري .
قال عبد الرحمن ابن مهدي : سأل رجل من أهل الغرب مالك بن أنس عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقال : يا أبا عبد الله تقول لا أدري ؟! قال : نعم ، فأبلغ من وراءك أني لا أدري !
وقال عبد الله : كنت أسمع أبي كثيرا يُسأل عن المسائل فيقول : لا أدري ، ويقف ، إذا كانت مسألة فيها اختلاف ، وكثيرا ما كان يقول : سَلْ غيري . فإن قيل له : مَن نَسأل ؟ قال : سَلُوا العُلَماء ! ولا يكاد يُسَمِّي رَجلا بِعَينه .
نَقَل هذا ابن القيم ثم عقد فَصْلا في تَوَرّع السلف عن الفتيا :
قال فيه : وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرّع في الفتوى ، ويودّ كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره ، فإذا رأى أنها قد تَعَيَّنَتْ عليه بذل اجتهاده في معرفة حُكْمها من الكتاب والسنة ، أو قول الخلفاء الراشدين ، ثم أَفْتَى .
وقال الشاطبي عن الإمام مالك : وسأل رجل مَالِكًا عن مسألة وذَكَر أنه أُرْسِل فيها من مسيرة ستة أشهر من المغرب ، فقال له : أخبر الذي أرسلك أنه لا عِلم لي بها ! قال : ومن يعلمها ؟ قال : مَن عَلَّمَه الله .
وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ، فقال : ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها ، ولكن تَعُود فلما كان من الغد جاء وقد حَمل ثقله على بغله يقوده ، فقال : مسألتي ! فقال : ما أدرى ما هي ، فقال الرجل : يا أبا عبد الله تركتُ خلفي مَن يقول : ليس على وجه الأرض أعْلم منك ، فقال مالك غير مُستوحش : إذا رَجعتَ فأخبرهم أني لا أحسن ! وسأله آخر فلم يُجِبه ، فقال له : يا أبا عبد الله أجِبْني ، فقال : ويحك ! تُرِيد أن تجعلني حُجَّة بينك وبين الله ، فأحتاج أنا أولاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلِّصُك !
وسُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري .
وسُئل من العراق عن أربعين مسألة ، فما أجاب منها إلاَّ في خمس !
قال عمر بن يزيد : فقلت لِمَالِك في ذلك ، فقال : يَرْجِع أهل الشام إلى شامهم ، وأهل العراق إلى عراقهم ، وأهل مصر إلى مصرهم ، ثم لعلي أرجع عما أرجع أُفْتيهم به ! قال : فأخبرتُ الليث بذلك ، فَبَكَى .
والله أعلم
الأربعاء يونيو 17, 2009 12:06 am من طرف سيد الكلمات
» الموسوعة الشاملة لفضيلة العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله
الجمعة يونيو 05, 2009 3:33 pm من طرف سيد الكلمات
» حمل الأن برنامج الأذان لأوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في العالم
الجمعة يونيو 05, 2009 3:24 pm من طرف سيد الكلمات
» رواية عالم صوفي
الجمعة يونيو 05, 2009 3:21 pm من طرف سيد الكلمات
» ::: في وصف الهاتك حسني مبارك :::
الأحد مايو 24, 2009 11:41 pm من طرف سيد الكلمات
» سجل دخولك بالصلاة على الرسول
الأحد مايو 24, 2009 11:19 pm من طرف سيد الكلمات
» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأحد مايو 24, 2009 11:12 pm من طرف سيد الكلمات
» المجد السوري يرسم البسمة على وجوه السورين والكرامة يتعرض لهزيمة أليمة
الأحد مايو 24, 2009 10:56 pm من طرف سيد الكلمات
» عمرو الخالد و نادي الكرامة
الأحد مايو 24, 2009 10:49 pm من طرف سيد الكلمات
» ما حدا أحسن من حدا
الجمعة مايو 22, 2009 10:06 pm من طرف falcon
» اهلاً بكم في منتديات بلاد الشام الإسلامية
الجمعة مايو 22, 2009 9:28 pm من طرف سيد الكلمات
» بنوتة حمصية معكن ممكن ترحيب
الجمعة مايو 22, 2009 9:19 pm من طرف سيد الكلمات